فضيحة مالية وسياسية غير مسبوقة

تظل قضية قناة بنما واحدة من أكبر الفضائح في الجمهورية الفرنسية الثالثة. بين الفساد والإفلاس المدوي وتورط شخصيات سياسية بارزة، تركت هذه القضية أثرًا عميقًا في التاريخ السياسي الفرنسي في تسعينيات القرن التاسع عشر.

الشركة العالمية للقناة بين المحيطين

في عام 1879، أطلق فرديناند دي ليسيبس، المشهور بنجاحه في قناة السويس، مشروعًا ضخمًا: حفر قناة عبر برزخ بنما لربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ. تأسست الشركة العالمية للقناة بين المحيطين وجمعت أموالًا ضخمة من مئات الآلاف من المدخرين الفرنسيين.

لكن المشروع واجه صعوبات تقنية لا يمكن تجاوزها، وحمى صفراء قضت على العمال، وإدارة مالية كارثية. في عام 1889، أعلنت الشركة إفلاسها، مما أدى إلى خسارة مدخرات أكثر من 800,000 حامل أسهم.

انفجار الفضيحة: الفساد والتواطؤات السياسية

كشفت التحقيقات بسرعة أن الشركة وزعت ملايين الفرنكات على البرلمانيين والصحفيين والشخصيات المؤثرة للحصول على التصاريح وكتم الانتقادات. يُشتبه في تلقي أكثر من 150 نائبًا وعضو مجلس شيوخ رشاوى.

تحولت القضية إلى أزمة سياسية كبرى. الصحافة اشتعلت، والرأي العام استنكر، ووقعت عدة محاكمات بارزة بين 1892 و1893.

كليمنصو في قلب العاصفة

جورج كليمنصو، النائب الراديكالي والشخصية الصاعدة في الجمهورية، وجد نفسه متورطًا في الفضيحة. متهمًا من خصومه السياسيين بالتورط في الفساد، اضطر لمواجهة حملة تشهير منظمة خاصة من الصحفي إرنست جوديه.

كادت هذه الفترة المظلمة من مسيرته أن تحطم طموحاته السياسية نهائيًا. بعد هزيمته في انتخابات 1893، يمر كليمنصو بفترة طويلة من العزلة قبل أن يعود إلى الواجهة السياسية في بداية القرن العشرين.

للمزيد: Le véritable Clemenceau لإرنست جوديه

لفهم هذه الفترة المضطربة بعمق والدور المثير للجدل لكليمنصو في قضية قناة بنما، نوصي بقراءة Le véritable Clemenceau لإرنست جوديه.

نُشر هذا العمل في عام 1920، ويقدم شهادة مباشرة وصريحة عن «النمر»، كتبها أحد أشد معارضيه. بعيدًا عن الجدل، يقدم جوديه تحليلًا مفصلًا لنقاط الظل في مسيرة كليمنصو، لا سيما خلال قضية قناة بنما.

وثيقة تاريخية أساسية لأي شخص مهتم بهذه الفترة المحورية من الجمهورية الثالثة والشخصية المعقدة لجورج كليمنصو.

اكتشف الكتاب

Retour au blog